أمام موجة "الإسلاموفوبيا" التي تجتاح العالم، أدى "خبر مفبرك" بثته إحدى أكبر القنوات التلفزيونية بإيطاليا
إلى محاولة إحراق مقهى مغربي، بعدما اتهمته القناة التلفزيونية باحتفاله بالهجوم الإرهابي الذي هز مؤخرا المدينة الإنجليزية مانشستر.
وكانت قناة "كنالي 5"، التابعة للمجموعة الإعلامية لرئيس الحكومة الإيطالية السابق سيلفيو برلسكوني، قد ادعت، في خبر مباشر صبيحة انفجار مانشستر، أن "مسلمين احتفلوا" بنواحي مدينة ميلانو بالعمل الإرهابي الذي استهدف المدينة الإنجليزية، وعادت في اليوم الموالي في اتصال مباشر من أمام مقهى مغربي ببلدة "بيولتيلّو" القريبة من مدينة ميلانو، بالصوت والصورة، مدعية أن احتفالا مزعوما شهده المقهى المغربي بالرغم من نفي صاحب المقهى وسكان البلدة الذين تم استجوابهم.
ومباشرة بعد كشف "كنالي 5"، التي تعد أكثر القنوات متابعة بين المشاهدين الإيطاليين، قام مجهولون برمي زجاجات حارقة على الواجهة الخارجية لـ"مقهى مراكش" الواقع بأحد أكبر أحياء بيولتيلّو الذي يشهد حضورا قويا للمهاجرين الأجانب.
صاحب المقهى المهاجر المغربي عادل صيدار، المقيم بإيطاليا المتزوج من مهاجرة روسية، طالب، من خلال تصريحات صحافية، بحماية حياته وحياة زوجته التي تحولت إلى جحيم جراء الإتهام الكاذب الذي وجهته إليه "كنالي 5" دون التأكد من صحة الخبر.
وكانت عناصر "الكربنييري" (الدرك) قد انتقلت إلى عين المكان، مباشرة بعد الإتهام الذي تم توجيهه إلى المقهى المغربي، للتأكد من صحة الحادثة التي بلّغ عنها أحد الإيطاليين القاطنين بالقرب من المقهى الذي استغل معرفته بأحد الصحافيين لتمرير ادعاءاته.
وقد تأكدت المصالح ذاتها بنفسها من عدم صحة الإدعاء المزعوم، سواء من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة بالمقهى أو من خلال التناقضات التي جاءت على لسان الشخص المبلغ الذي قال إنه مر من أمام المقهى عند حدود الساعة الحادية عشرة والنصف، وهو الوقت الذي لم تكن فيه أية وسيلة إعلامية قد أوردت خبر العمل الإرهاب الذي هز الحفل الموسيقي بمدينة مانشستر، والذي أسفر عن مقتل 22 شخصا.
عمدة بلدية بيولتيلّو، إيفون كوشوتي، استنكرت ما حدث معلنة أنها قامت بمراسلة نقابة الصحافيين للإحتجاج على عدم احترام أخلاقيات المهنة وتحري الدقة والموضوعية في نقل الأخبار، خاصة عندما يكون الأمر يتعلق بقناة وطنية بحجم "كنالي 5" التي تعد القناة الأكثر مشاهدة في إيطاليا، مضيفة أن البلدية تحتفظ لنفسها باتخاذ الإجراءات اللازمة ريتما تنتهي التحقيقات.
من جهتها، سارعت العديد من الهيئات الحقوقية والمدنية للتعبير عن تضامنها مع المهاجر المغربي، مستنكرة الإتهام الخطير الذي حاولى البعض إلباسه ليس فقط لصاحب المقهى أو زبائنه، وإنما لجميع المسلمين القاطنين بالبلدة الذين يتجاوز عددهم 1000 مسلم ومسلمة.
جمعية الهدى الثقافية التي تعتبر إحدى أقدم الجمعيات المغربية بإيطاليا، والتي يتواجد مقرها ببلدة بيولتيلّو، دعت خلال الندوة الصحافية التي نظمتها عمدة البلدية، على لسان ناطقها الرسمي، الساكنة المحلية إلى ضبط النفس وعدم الإنسياق وراء خطاب الكراهية الذي تحاول بعض الأطراف نشره بين الساكنة، داعية مكونات المجتمع المدني إلى مواصلة المسار المشترك الذي بدأ منذ أكثر من 15 سنة، والذي جعل دائما من بيلولتيلّو التي تقطن بها حوالي 100 جنسية مختلفة مثالا يحتذى في التعايش والاندماج.
